مؤشر الديمقراطية: 1064 احتجاج خلال أغسطس الماضى


شهد الشارع المصري خلال شهر أغسطس 1064 حالة إحتجاج بمتوسط 34 احتجاجا بشكل يومي و 3 إحتجاجات كل ساعتين ، ورصد التقرير  تضاعف عدد الإحتجاجات في النصف الثاني من الشهر الذي شهد 701 إحتجاج، مقارنة بنصفه الأول الذي شهد 363 إحتجاج  ، حيث كان لفض إعتصامي رابعة والنهضة رد فعل إحتجاجي عكس خروج أنصار الجماعة والمنتمين لها في إحتجاجات متضاعفة عن ما سبق ، وكأن ما حدث في فض الإعتصام هو تفريق لجموع رابعة والنهضة وليس إنهاء حلالة الإحتجاج التي تقوم بها الجماعة و مناصريها .
رصد المؤشر الديمقراطي تصدر يوم 14 أغسطس ( يوم فض اعتصامي رابعة والنهضة ) المشهد الإحتجاجي بعدما شهد 135 حالة احتجاج تلاه أيام الجمعة التالية للفض حيث شهدت جمعة 16 أغسطس 67 إحتجاج بينما شهدت نظيرتها في 23 أغسطس 61 إحتجاج ، في حين شهدت جمعة 30 أغسطس 83 إحتجاج ، أي أن هناك 4 أيام فقط من النصف الثاني لأغسطس قد شهدت 346 إحتجاج أي ما يقارب كافة الإحتجاجات خلال الثلاثة عشر يوما الأولى من الشهر .
-الجماعة تحتل صدارة الفئات المحتجة .
بالأمس القريب و قت إدارة جماعة الإخوان للدولة ، كانت كافة قطاعات الإسلام السياسي تنفذ متوسط 20 إحتجاج شهريا أغلبهم لتأييد قرارات الرئيس و مهاجمة خصومه حتى وإن كانوا القضاة، و هو ما رصده المؤشر في ثمانية تقارير شملت كافة الإحتجاجات خلال عصر الرئيس السابق محمد مرسي ، لكن خلال شهر أغسطس نفذ المنتمون وأنصار جماعة الإخوان وحدها 789 إحتجاج من أجل دعم الرئيس المتمثل في الشرعية و الشرعية المتمثلة في الرئيس من وجهة نظرهم ، و في تحول مفاجيء من مواطنين إنتموا لجماعة طالما طالبت بقمع المتظاهرين وإتهمتهم وشوهتهم، لنموذج آخر من المواطنين الأنشط في تنظيم الحراك الإحتجاجي الذي شمل في معظمه إستخدام لمظاهر العنف المختلفة .لذا فقد تصدر المنتمون لجماعة الإخوان وأنصارها المشهد الإحتجاجي بعدما نفذوا 74.2% من إحتجاجات شهر أغسطس .
إنتهج أعضاء الجماعة وأنصارها منذ بداية إعتصاماتهم حتى 14 أغسطس سياسة تعتمد على بناء نموذج محاكاة للثورة المصرية من حيث التجمع في ميدان أساسي و هو رابعة وميدان فرعي يتمثل في النهضة بالإضافة لتنفيذ مجموعة من المسيرات من رابعة و النهضة لعدد من المناطق الحيوية لتحقيق ضغط على الدولة و عكس صورة عن دولة تمتلأ بالإحتجاج وقد ساعد التنظيم التي تتسم به الجماعة في تنفيذ تلك السياسة بشكل حرفي ، لكن بعد يوم فض إعتصامي رابعة والنهضة عمل الإخوان على تنفيذ أكبر موجة من الحراك الإحتجاجي المنظم الذي انتهج في أغلبه إحتجاجات إتسمت بالعنف المفرط كرد فعل لإستخدام الدولة القوة المسلحة في فض الإعتصامين ، و إستمرت سياسة المواجهات الأمنية و الحرب الإعلامية بين الدولة و بين الجماعة حتى خسرت الجماعة محليا بشكل واضح العديد من مصادر التمويل و صناعة القرار بعد إعتقال قياداتها ثم خسارة التعاطف معها من قبل الشارع و هو ما أفقدها قدرتها التنظيمية تدريجيا .
لكن الجماعة لا تصر رغم خساراتها العديدة على إستمرار تنفيذ سياسة تطبيق نموذج محاكاة للثورة في يناير معتمدة على تحركات قليلة طوال ايام الأسبوع تصل لمتوسط 20 إحتجاج يوميا ثم دعوات وتحركات مكثفة خلال أيام الجمعة تصل لمتوسط 70 احتجاج للجمعة . لكن المدقق سوف يلاحظ التناقص الواضح في القائمين بتلك الإحتجاجات حتى يصل للعشرات أحيانا و لبضعة آلاف في أكبر المظاهر الإحتجاجية ، بشكل يعكس كما إحتجاجيا / عددا بدأ يفقد أثره و يتناقص بشكل واضح و لكنه يحاول أن ينفذ كما واسعا من الإحتجاجات من خلال تلك الأعداد القليلة بشكل يشتت من التمركز الأمني المواجه لتلك الإحتجاجات و يعكس إنتشارا واسعا للمتظاهرين و كأن الدولة كلها تتظاهر .
رصد التقرير أيضا قيام الجماعة بالإستعانة بأنصارها في النقابات المهنية المختلفة مثل نقابة الأطباء والصحفيين و المعلمين ، بتأسيس روابط مهنية تسمي روابط ضد الإنقلاب مثل صحفيون ضد الإنقلاب و معلمون و أطباء ضد الإنقلاب ، بشكل يكمل من أهداف الجماعة في رسم صورة لشعب يتظاهر و ليس لجماعة أو فصيل واحد ، لكن الأخطر هنا هو ما سيأتي بعد تخطي تلك الأزمة و بناء مثل تلك الروابط السياسية داخل التنظيمات النقابية وهو بالفعل ما سيقابل سواء من الدولة أو القوى السياسية الأخرى بروابط مقابلة بشكل يساعد على بناء صراع حزبي جديد داخل الكيانات النقابية مما يمهد لإنشغال تلك النقابات بالصراع الداخلي عوضا عن المشكلات النقابية الفعلية و هو ما يهدد بشكل واضح التنظيم النقابي في مصر .
رصد المؤشر تراجع ملحوظ لنسبة الإحتجاجات التي نفذها الأهالي والمواطنون حيث إحتلت إحتجاجاتهم المرتبة الثانية في ترتيب الفئات المحتجة بعدما نفذوا 97 إحتجاج بنسبة 9.2% من إحتجاجات الشهر ، تلاهم النشطاء السياسيين بنسبة 4.9%.

-       تراجع غير مسبوق للحراك الإحتجاجي العمالي .
تراجعت نسب الإحتجاجات العمالية بشكل مثير للدهشة حيث نظم العمال خلال الشهر الحالي 25 مظهر إحتجاجي بنسبة 2.27% من إحتجاجات الشهر و هو ما حمل العديد من الرسائل و التي تتمثل أهمها أن العمال و على الرغم من الإنتهاكات العديدة التي يتعرضون لها ربما يقومون بالسماح للنظام الجديد بمهلة كافية للعمل قبل المسائلة والخروج للاحتجاج ، في ظل ملاحظات هامة حول النشاط التشريعي الذي تقوم به وزارة القوى العاملة و المتمثل في مناقشة مجموعة من القوانين التي طالما أحدثت جدالا واسعا و مثلت مطلب للعديد من العمال و المهتمين بشئونهم مثل قوانين الحريات النقابية والحدين الأقصى والأدني للأجور في ظل مناقشة قوانين التأمينات والمعاشات والتعديلات التي تجرى عليها ، وهو ما عكس بعض النوايا الحسنة للوزراة الحالية للعديد من القطاعات العمالية مما كرس مبدأ إتاحة الفرصة للنظام الحالي . لكن التقرير يتساءل حول الآلية التي ستقوم بها وزارة القوى العاملة من أجل تطبيق الحدين الأقصى والأدني للأجور في ظل غياب تام لأية رؤي إقتصادية حقيقية تقدمها الوزارة أو المنظمات المدنية أو النقابية أو الأحزاب والقوى السياسية ، وحيث عكس تاريخ الحكومات المصرية المتعاقبة فشلا تاما في معالجة تلك المشكلة بشكل أبقاها دوما في خانة الوعود غير القابلة للتحقيق ، وهو إن حدث فسوف تتحول الوعود الخاصة بتطبيق حد أدني وأقصى للأجر لسيف مسلط على رقاب الحكومة الحالية والحكومات اللاحقة لها و محفزا أساسيا للحراك الإحتجاجي ، لذا فإن التقرير يوصى بضرورة إنتهاج وزارة القوى العاملة لسياسات من شأنها إيجاد حلول قابلة للتنفيذ على أرض الواقع عوضا من أن تتحول الوعود لمسكنات تنقلب لمحفزات للمزيد من الإحتجاج.
-       إحتجاجات القطاع الأمني أخذت في الزوال نظرا لتنفيذ المطالب .
القطاع الوحيد الذي بدأت إستجابات واسعة لمطلبه بشكل عكسه التراجع الجذري لإحتجاجته ، هو القطاع الأمني ، الذي نفذ خلال شهر أغسطس 24 إحتجاج بعدما كان متوسط إحتجاجاته 200 إحتجاج شهريا ، وحيث رصد المؤشر أنه رغم إستمرار نفس الوزير إلا أن إستجابة الوزارة / الدولة لمطالب القطاع الأمني بعدما قامت بحركة ترقيات واسعة في صف أمناء وأفراد الشرطة الذين مثلوا الفئة الأكثر إحتجاجا بالقطاع الأمني ، في حين طورت الوزارة منظومة أسلحتها بشكل لاقي قبول الغالبية العظمي رغم إستمرار المطالب بالتسليح ، في حين كان للمكافآت التي قدمتها الوزارة للعاملين بجهاز الشرطة أثرا كبيرا في هدوء تلك الإحتجاجات و ظهور نوايا حقيقية لتلبية كافة مطالب العاملين بالقطاع الأمني .
هنا يتساءل التقرير ، إن كان مبرر الدولة في الإستجابة أولا لمطالب هذا القطاع هو الوضع الأمني الحالي و ضرورة إعداد هذا الجهاز بشكل يمكنه من التصدي للوضع الحالي ، فمتي سيتم النظر في مطالب باقي القطاعات التي لا تزال تعطي للحكومة فرصة ذهبية قبل البدء من جديد في سلسلة المطالب المشروعة مثل القطاع الطبي والتعليمي على سبيل المثال لا الحصر . و كيف ستكون إستراتيجية الإستجابة لمطالب باقي القطاعات ؟ تساؤلات يرى التقرير أنه من الضروري أن تشملها أجندة أولويات الدولة المصرية خلال المرحلة القادمة .
" رصد التقرير إتجاها واضحا من كافة القطاعات المجتمعية لمنح فرصة ومهلة محددة للنظام الحالي قبل البدء في محاسبته أو مطالبته بكفالة العديد من الحقوق المنتهكة والحريات المفقودة و هو ما يعكسه التراجع الجذري للعديد من الفئات المحتجة من جانب ونسبة الإحتجاجات من جانب آخر ، لكن على الطرف المقابل فقد إستطاعت الجماعة ملأ الفراغ الناتج عن عزوف باقي فئات المجتمع عن الإحتجاج ، لكنها ملأته بشكل كمي وليس كيفي ، أي أن أعداد الإحتجاجات ربما تقاربت مع أعداد الإحتجاجات التي شهدتها فترة الرئس السابق محمد مرسي ولكنها كيفا لا تعبر عن أعداد المحتجين ولا الفئات و لا المطالب ، لذا فقد ملأت إحتجاجات الجماعة الفراغ الإحتجاجي شكلا و أفرغته مضمونا "
لكن التقرير يؤكد أنه على الحكومة المصرية الحالية تقديم ما يؤكد حسن نواياه فيما يخص كفالة حقوق المواطنين و حرياتهم  بما يحقق المزيد من الإستقرار وإلا فسوف تكون رده الفعل الإحتجاجي من المواطنين أكبر من الماضي حتى وإن أستخدمت ضدها كافة وسائل القمع الأمني .

        مطالب المحتجين :
أحدث الخلل في تركيبة الفئات المحتجة خلال هذا الشهر ردة فعل مماثلة في خريطة المطالب الإحتجاجية ، حيث تراجعت المطالب الإقتصادية والإجتماعية لتصل لـ 11% بعدما كان متوسط تمثيلها على الخريطة الإحتجاجية يقدر بـ 70% ، بينما إرتفعت المطالب المدنية و السياسية من متوسط تمثيل 30% لتصل لـ 89% خلال ها الشهر ، و هو ما يعكس تأثرا تاما بأحداث ما بعد 30 يونيه .
مدنيا وسياسيا نفذت جماعة الإخوان 766  إحتجاج للمطالبة  بعودة الرئيس أو تنديدا بفض إعتصامي رابعة والنهضية مما أسموهم المنقضين على السلطة / الإنقلابيين و غيرها من المطالب التي تمحورت جميعا حول العودة الإخوانية للسلطة ، لكنها قوبلت أيضا بالعديد من الإحتجاجات التي نفذها الأهالي والنشطاء وقطاعات مهنية ضد جماعة الإخوان و التي حملت شعار ضد التواجد الإخواني – ضد الإرهاب والتطرف – ضد حادث رفح المتهم الإخوان في تنفيذه . كما شهدت الدولة أيضا مجموعة من التظاهرات التي نددت بما أسمته بالتدخل الأمريكي في شئون البلاد حيث تم تنفيذ 10 مظاهرات تندد بما أسمته التدخل ، بالإضافة لتنظيم 5 تظاهرات تطالب بقطع المعونة الأمريكية و 9 إحتجاجات للتنديد بإخلاء سبيل مبارك  وهو ما عكس صداه على تصدر المطالب المدنية والسياسية للمشهد الإحتجاجي .
رصد التقرير مجموعة من المطالب الإقتصادية والإجتماعية التي رفعتها الفئات المحتجة خلال الشهر تمثل أهمها في تنظيم 26 مظاهرة للمطالبة بمستحقات مالية و 19 مظاهرة من قبل أمناء الشرطة و أفراد الأمن ضد حركة التنقلات الأخيرة بالوزارة ، بالإضافة لـ 19 مظاهرة من قبل الأهالي إحتجاجا على تدني الخدمات والمرافق بشكل لم يعكس فعليا سوى منح المواطنين فرصة للنظام الحالي من أجل الإنتهاء من الوضع السياسي والأمني الحالي و وضع حلول عملية لمشكلاتهم .
إن التغير الواضح في خريطة المطالب الإحتجاجية لا تعكس سوى طبيعة المرحلة الراهنة التي علت فيها المطالب السياسية والمدنية على كافة المطالب، بشكل يجعل المقارنة بين خريطة المطالب الإحتجاجية الحالية مع خريطة المطالب الإحتجاجية أيام خلال الفترات السابقة تعكس إنقلابا تاما في المعايير و ضبابية تامة في دور تلك المظاهرات في عكس إحتياجات الشعب الحقيقية ، و هو ما يرى التقرير أنه سيتغير جذريا خلال الأشهر القادمة ليعود لطبيعته في إحتلال الحقوق الإقتصادية والإجتماعية المشهد الإحتجاجي و تراجع نظيراتها المدنية والسياسية لوضعها النسبي المعقول .
شكرا لك ولمرورك