مؤشر الديمقراطية: أكتوبر يشهد 288 حادث عنف وإرهاب سياسي ، و 1072 حادث منذ أغسطس




إستمرارا لأنشطة رصد مؤشر الديمقراطية لأحداث العنف السياسي التي تشهدها الدولة بدءا من أحداث 30 يونية ، رصد المؤشر أحداث العنف والإرهاب السياسي التي شهدتها الدولة المصرية في الفترة من 1 وحتى 31 أكتوبر 2013 و التي نتج عنها العديد من المؤشرات التي يقدمها االتقرير التالي.
v    الأحداث من منظور كمَي :
-    رصد مؤشر الديمقراطية وقوع 288 حادث عنف وإرهاب سياسي خلال شهر أكتوبر بمتوسط 9 حوادث يوميا ، في حين تصدر يوم 6 أكتوبر صدارة مشهد أحداث العنف حيث شهد وقوع 39 حادثة ، تلته أيام الجمعة خلال الشهر و التي شهد كل منها وقوع بين 17-19 حادث . و تكون بذلك الدولة المصرية قد شهدت 1072 حادث عنف و إرهاب سياسي منذ بداية أغسطس ( شهر فض أعتصامي رابعة والنهضة ) و حتى نهاية أكتوبر الماضي ، لكن التقرير قد لاحظ أن أغسطس وحده قد شهد 557 حادث أي ما يعادل 52% من أحداث العنف خلال الثلاثة أشهر المنصرمة ، في حين شهد سبتمبر 21% من تلك الأحداث يسبقه أكتوبر الذي شهد 27% من حوادث العنف .



v    الأحداث من منظور كيفي :

1.     طبيعة أحداث العنف التي شهدتها الدولة  :

-         الإشتباكات الجماعية :
                              شهد أكتوبر 190 حادثة إشتباك مثلت 66% من مظاهر العنف التي شهدها أكتوبر حيث وقعت 101 حادثة إشتباك بين الأهالي ومجموعات تنتمي للإخوان ، في حين شهد الشهر 49 إشتباكا بين طلاب الإخوان و غيرهم من الطلاب ، في حين وقعت 15حادثة إشتباك بين الأمن و مجموعات تنتمي للإخوان ، بالإضافة لـ 9 إشتباكات بين الأهالي و الطلاب ، و 6 إشتباكات بين الأمن و الطلاب ، يليهم5 إشتباكات بين الأمن و متظاهرين و 5 إشتباكات بين مهنيين إخوان و زملائهم من المهنيين .
لاحظ المؤشر تصاعدا ملحوظا في حدة الإشتباكات بين الطلاب المناصرين للجماعة وغيرهم من الطلاب المعارضين لها حيث ارتفع عدد الإشتباكات من 15إشتباك في سبتمبر لـ 49 إشتباك خلال أكتوبر و هو ما يعد مؤشرا خطر و أحد أهم أسباب إرتفاع أحداث العنف التي تشهدها الدولة. في حين ارتفعت أيضا أعداد حوادث الإشتباكات بين قوات الأمن و مجموعات من المتظاهرين التابعين للجماعة حيث قفزت من 6 حوادث في سبتمبر لـ 15 حادث خلال أكتوبر ، كما إرتفعت أعداد إشتباكات الأهالي مع الطلاب من 2 في سبتمبر لـ 9 حوادث خلال أكتوبر .


-       تصدي و فض الأهالي للمظاهرات :
                                         15 % من أحداث العنف خلال اكتوبر مثلتها 42 حالة فض من الأهالي لتجمعات و تظاهرات وأشكال إحتجاجية مختلفة كانت منظمة في معظم الأحداث من قبل أنصار الجماعة و مؤيديها، و لكن أكثر ما يثير مخاوف المؤشر أن تلك الأحداث قد تضاعف من سبتمبر لأكتوبر حيث شهد الأول 22 حادثة بينما شهد الأخير 42 حادثة لم تستهدف قمع مظاهرات الإخوان فقط لكنها امتدت لتقمع كل من لا يتفق تماما مع النظام الحالي، بشكل يعكس خللا واضحا في النظام الأمني للدولة و قدرته على بسط السيادة الأمنية ، و هو ما يساعد حتما على إضعاف قدرة الدولة المصرية على بسط سيادتها هذه من ناحية ، ومن ناحية أهم أن هذا التصرف من الأهالي إنما يعد جرما مستمرا في حق حرية التعبير تغذيه عمليات الشحن المستمرة من قبل العديد من الأبواق السياسية و الإعلامية التي أضحت ملكية أكثر من الملك نفسه ، وأنه رغم التحذير المستمر من قبل الكثيرين و منهم المؤشر من الإستمرار في سياسات شحن المواطنين ، إلا أنه ربما تكون المكاسب السياسية و الإقتصادية عند بعض صناع القرار أو أصحاب رأس المال في مصر تضغط و بقوة من أجل الدفع بالدولة المصرية لتوجهات لا تصب سوى لخدمة مجموعة من المصالح الضيقة لتلك الأطراف المسيطرة على الواقع السياسي و الإعلامي في مصر بشكل يجعل الدولة تستمر في مسارها نحو مزيد من الإقصاء و التمييز بشكل تأجج خلال فترات الحكم السابقة و ربما يتزايد لو لم تتوقف تلك المسرحية الهزلية التي يقوم فيها المواطن بدور المنظم للحريات و تقوم فيه السلطة بدور المشاهد .

-       الهجمات الإرهابية المسلحة :
                               40 هجمة إرهابية مسحلة شهدتها الدولة خلال أكتوبر ، إستهدف 39 منها المواقع و المنشآت الأمنية بما يعكس شكليا وجود جبهة صراع و تقاتل مفتوحة بين الجماعات و التنظيمات المسلحة وبين الأجهزة الأمنية في مصر سواء الجيش أو الشرطة ، و يعكس أيضا مؤشرا خطيرا حول دخول الدولة في صراع مع ما يشبه حرب شوارع مع مجموعات إرهابية و هي أقذر و أخطر أنواع الحروب و المواجهات و التي غالبا ما تنتج عن خسائر بشرية عظيمة . ما يدلل على تعاظم الخطر هو الإستهداف المسلح للمنشآت القبطية بشكل دائم حيث شهد الشهر حالة اعتداء همجي مسلح من قبل ملثمين على حفل زفاف بكنيسة الوراق مما أسفر عن خسارات بشرية كبيرة .
هنا يتسآل المؤشر عن قدرة أجهزة الدولة على التعرف على تلك البؤر و القضاء عليها و هو ما ستحدد الإجابة عليه مجموعة من المتغيرات أهمها الوسائل و الأدوات التي ستنتهجها الدولة من أجل التخلص من تلك الهجمات الإرهابية وأعمال العنف المسلح ، و ثانيها المدة الزمنية التي ستستهلكها الدولة في صراعها مع هذا العدو ، و أهمها ما ستكشف عن ستاره الأيام القادمة من معلومات سوف تمكن المواطن أو المتابع للوضع من تحديد أصابع الإتهام بدقة. لكن المقلق هنا هو تخوف التقرير من ظهور جانب ثأري متوارث ضد الدولة أو ضد جماعات أو أجهزة معينة قوامه الأسر التي فقدت أحد أعضائها نتاج الإشتباكات مع الدولة أو مع المواطنين أو كليهما. وهنا يأتي دور الدولة والمنظمات المدنية في تقديم ما يكفل لتلك الفئات و يوفر لها حياة لا تعرقلها آفات الماضي .
 المؤشر قد لاحظ تناقص تلك الأعمال الإرهابية بشكل واضح عن شهر سبتمبر الذي شهد 54 حالة هجوم مسلح بزيادة قدرها 14هجمة ، وهو ما يعكس إنخفاض نسبة الهجمات المسلحة التي شنتها تلك الجماعات الإرهابية بنسبة 26% تقريبا.
-       إستهداف الأفراد والممتلكات :
                                 شهدت أحداث العنف خلال أكتوبر  حوادث إعتداء من قبل الطلاب المنتمين لجماعة الإخوان أو المناصرين لها ضد صحفيين و موظفيين حكوميين ، كما وقعت 5 حالات إعتداء من قبل مجموعات تناصر الإخوان ضد مواطنين أو شخصيات و لكن بشكل غير مرتب أو معد مسبقا ، في حين شهد الشهر 3 حوادث إعتداء من قبل مواطنين ضد ممتلكات تخص أفراد الجماعة ، و كذلك حالتي إعتداء من مجموعات تنتمي للجماعة ضد ممتلكات خاصة بالمواطنين.

n   لاحظ المؤشر أن أكتوبر لم يشهد العديد من أحداث و مظاهر العنف التي وقعت في سابقه من شهور مثل خلوه من احداث الحرق و إشعال النيران ، كما أنه خلى من محاولات لقطع السكك الحديدية أو الإشتباك مع الباعة، وهو ما ربما يعكس بادرة أمل في أنه من الممكن أن تتخلص الدولة تدريجيا من موجات العنف و الإرهاب السياسي المستمرة .

2.     الخسائر البشرية لأحداث العنف و الإرهاب السياسي:


-    قدر المؤشر أعداد المصابين خلال شهر أكتوبر بـ 400 مصاب بشكل يرتفع نسبيا عن عدد المصابين في سابقه سبتمبر لذي خلفت أحداث العنف ما يقارب 353 مصاب .
-        رصد المؤشر وفاة 32 مواطن جراء أحداث العنف و الإرهاب التي شهدتها الدولة بشكل يمثل تناقص في أعداد القتلي جراء تلك الأحداث.

3.     أحداث العنف و الإرهاب السياسي من منظور جغرافي :


-    شهدت 25 محافظة مصرية أحداث عنف وإرهاب سياسي ، وتصدرت القاهرة خريطة أعمال العنف بعدما شهدت 37 حادث تلتها الدقهلية التي شهدت 29 حادث في حين احتلت محافظة شمال سيناء ثالث أكثر المحافظات بعدما شهدت 28 حادث ، لكن شمال سيناء كانت قد تصدرت الخريطة الشهر الماضي لكن هذا الشهر قد تراجعت أحداث العنف و الإرهاب التي شهدتها بنسبة كبيرة بعدما انخفضت من 38 حادثة في سبتمبر إلي 28 بأكتوبر .
-    حدثت العديد من التغيرات في خريطة العنف و الإرهاب و أصبحت أغلب أحداث العنف تقع في 10 محافظات و هم ( القاهرة – الدقهلية – شمال سيناء – الجيزة – الإسكندرية – المنوفية – الشرقية – الغربية – دمياط – السويس ) حيث شهدت تلك المحافظات 77% من أحداث العنف خلال أكتوبر .
-    إنخفضت نسب أحداث العنف التي وقعت في المحافظات من سوهاج و حتى أسوان بشكل ملحوظ مما يعكس تطورا هاما ، حيث مثلت تلك المحافظات بالمشاركة مع المنيا البؤرة الرئيسية للعنف ، لكن مع انخفاض العنف في قطاع الصعيد إرتفع بشكل ملحوظ في قطاع محافظات الدلتا .


الخاتمة و التوصيات :
من خلال أنشطة الرصد و التحليل التي يقوم بها مؤشر الديمقراطية حول أعمال العنف و الإرهاب و غيرها من الأنشطة الإحتجاجية فإن المؤشر قد لاحظ أنه خلال الشهريين الماضيين قد اتسمت أعمال العنف والإرهاب بالتأرجح و التغير المستمر ، لكنها إتسمت في أغلبها بخطورتها الشديدة على كافة مناحي الحياة بالدولة المصرية و مثلت مؤشرا هاما لطبيعة الصراع السياسي المصري في الفترة الراهنة ، وعكست العديد من الآفات السياسية و المجتمعية التي توجب على الجميع التحرك العاجل والمنظم و التشاركي و الذي يقترح المؤشر أن تنقسم أدواره الرئيسية وفق التوصيات التالية: :
1.     ما على الدولة :
¿    ضرورة إتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لحماية المواطن من مثل تلك الأخطار و الهجمات دون التعدي على حريات و حقوق المواطنين السلميين أو إنتهاز تلك الأحداث لسن تشريعات إستثنائية .
¿    إعادة بناء الجهاز الأمني بما يلائم التجاوب الحرفي المنظم مع تلك المجريات وليس الاقتصار على العشوائية في المواجهة أو حالة الإقتصار على رد الفعل .
¿    محاولة تفعيل ما يلزم من تشريعات وتوصيات تضبط الخطاب التحريضي من كافة الأطراف عوضا عن تركيز كل مسار اعلامي على طرف بعينه في حالة من التناحر المستمر التي خلقت احتقانا و عنفا مجتمعيا متزايدا.
¿    على الدولة تفعيل أدواتها التعليمية والتثقيفية في إعادة بناء ما تم هدمه من قيم ومعايير للتعايش و التسامح عوضا عن تسخير جهودها في صراع سياسي مستمر في إبتزازا الجميع .
¿    على الدولة تفعيل سيادة القانون وسن ما يلزم لمنع تدخل المواطنين في فض التظاهر أو تقييد أي حرية لأي مواطن آخر و أن يكون دور المواطن يقف عند الإبلاغ فقط.

2.     ما على المواطن :
¿    الكف عن محاولات التدخل في تقييد أي حرية أو حق أو تظاهرة أو أي فعل مخالف لميوله وان يترك الجميع يعبر عن رأيه وأن يكتف بالإبلاغ إذا رأى أن ما يتم فعله مناف للقانون ، وأن يقف تدخله في مشكلات الحياة الطلابية .
¿    أن يتوقف المواطن عن حالة الإحتكاك السياسي في أماكن العمل و أن تبني حوارات سياسية فعالة عوضا عن حالة الشد و الجذب و الشحن المتواصل للحد الذي أضحت السياسة في مصر السبب الأول للصراع في ظل دولة في حالة خلل إقتصادي وأمني و إجتماعي مخيف.
3.     ما على جماعة الاخوان ومناصريها:
¿       الكف عن الزج بأعضائها كوقود للصراع السياسى القائم بينها وبين الدولة المصرية، والكف أيضا عن استخدام مبدأ القوة والعنف والارهاب.
¿       على الجماعة ومناصريها الكف عن اقحام صراعهم السياسي داخل مؤسسات الدولة وأماكن العمل.
¿    أن الموقف العدائى الذى اتخذته جماعة الاخوان في الفترة الماضية يعكس كما لو أنها عدو للدولة المصرية. وعلى الجماعة إعادة النظر والتوقف تماما عن مثل تلك المسارات العدائية وأن تعلم جيدا أن المخرج الوحيد لها هو أن يتقبلها الشارع المصرى مرة ثانية وهذا لم يجدث إذا ظلت على انتهاجها للعنف.
4.     ما على المؤسسات المدنية و السياسية :
¿    على المؤسسات الحقوقية إتخاذ ما يلزم لبناء شراكات قوية تمكنها من إرساء مجموعة من القيم والمواقف غير المنحازة و المرتكزة على مرجعيتها القانونية الدولية والمحلية ، من أجل مواجهة مثل تلك الأزمات الإجتماعية و السياسية .
¿    على الأحزاب السياسية التواصل الحقيقى مع الشارع عوضا عن سباقات خطاب الكراهية والتناحر السياسي و شحن المواطن والعمل على تثقيفه.
¿    ضرورة أن تقوم تلك المنظمات والأحزاب والقوي المدنية بحملات توعوية لنبذ العنف و الحد منه و بناء حالة من الوعي المجتمعي بآلية تقسيم الأدوار في مثل مواجهة تلك المشكلات و العقبات المحورية بكل سملمية وتعايش.
5.      ما على الأجهزة الإعلامية :
¿    المؤسسات الاعلامية هي الجهاز المعلوماتي الأول لبناء القرار و للتثقيف و للتغيير و لكنها في الأونة الأخيرة قد ساهمت بدور كبير في إشاعة العديد من الأخبار المجهولة المصدر أو غير صحيحة أو المشوهة أو التي ساعدت بشكل أو بآخر على إرتفاع حدة التوتر ، وهنا نشير لكافة الوسائل المسموعة والمقروءة والمرئية والإلكترونية .
¿    حان الوقت لإعادة النظر في السياسات الإعلامية المصرية و يوصي التقرير كافة الأجهزة الإعلامية بما فيهم المجلس الأعلى للصحافة و هيئات البث المرئي و المسموع بضرورة التواصل و بناء شراكات فعالة تمكن الإعلام من إعادة بناء الثقة مع المواطن و إعادة هيكلة دوره بما يتماشي مع البناء و ليس صراع السياسة أو المصلحة أو الربح على حساب الجمهور .

¿    يوصي التقرير ببناء موجة إصلاح إعلامي، تهتم بعملية التثقيف و التنوير و بناء مصطلحات و مفاهيم التعايش و السلم الإجتماعي و تنفيذ مخططات التنمية والتحول الديمقراطي ، وأنه على تلك المسارات الإعلامية أن تولى مساحات واسعة لتلك الأهداف لما لها من ضرورة في مثل تلك الفترات المحورية .
شكرا لك ولمرورك